الاثنين، 6 يناير 2014

الاعجاز العلمي في بناء السموات السبع ‏" والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون‏"‏ الذاريات‏:47.‏

الاعجاز العلمي في بناء السموات السبع ‏" والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون‏"‏ الذاريات‏:47.‏





سبحان الله الخالق الاعجاز العلمي لهذه الاية التي نزلت على سينا محمد  الذي أنزل في محكم كتابه قبل أكثر من ألف وأربعمائة من السنين قوله الحق‏:

‏" والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون‏"‏ الذاريات‏:47.‏

وتشير هذه الآية الكريمة إلى عدد من الحقائق الكونية التي لم تكن معروفة لأحد من الخلق‏,‏ وقت تنزل القرآن الكريم‏,‏ بها من هذه الحقائق

‏:‏ أولا‏:‏ أن السماء بناء محكم التشييد‏,‏ دقيق التماسك والترابط‏,‏ وليست فراغا كما كان يعتقد إلى عهد 
قريب‏,‏ وقد ثبت علميا أن المسافات بين أجرام السماء مليئة بغلالة رقيقة جدا من الغازات التي يغلب عليها غاز الإيدروجين‏,‏ وينتشر في هذه الغلالة الغازية بعض الجسيمات المتناهية في الصغر من المواد الصلبة‏,‏ على هيئة غبار دقيق الحبيبات‏,‏ يغلب على تركيبه ذرات من الكالسيوم‏,‏ والصوديوم‏,‏ والبوتاسيوم‏,‏ والتيتانيوم‏,‏ والحديد‏,‏ بالإضافة إلى جزيئات من بخار الماء‏,‏ والأمونيا‏,‏ والفورمالدهايد‏,‏ وغيرها من المركبات الكيميائية‏.‏ وبالإضافة إلى المادة التي تملأ المسافات بين النجوم‏,‏ فإن المجالات المغناطيسية تنتشر بين كل أجرام السماء لتربط بينها في بناء محكم التشييد‏,‏ متماسك الأطراف‏,‏ وهذه حقيقة 

لم يدركها العلماء إلا في القرن العشرين‏,‏ بل في العقود المتأخرة منه‏.‏ وعلى الرغم من رقة كثافة المادة في المسافات بين النجوم‏,‏ والتي تصل إلى ذرة واحدة من الغاز في كل سنتيمتر مكعب تقريبا من المسافات البينية للنجوم‏,‏ وإلى أقل من ذلك بالنسبة للمواد الصلبة‏‏ الغبار الكوني‏,‏ إذا ما قورن بحوالي مليون مليون مليون جزئ‏1810‏ في كل سنتيمتر مكعب من الهواء عند سطح الأرض‏,‏ فإن كمية المادة في المسافات بين النجوم تبلغ قدرا مذهلا للغاية‏.

فهي تقدر في مجرتنا‏‏ سكة التبانة‏‏ وحدها بعشرة بلايين ضعف ما في شمسنا من مادة‏,‏ مما يمثل حوالي‏5%‏ من مجموع كتلة تلك المجرة‏.‏


ثانيا‏:‏ إن في الإشارة القرآنية الكريمة والسماء بنيناها بأيد أي بقوة وحكمة واقتدار‏.

‏ تلميحا إلى ضخامة الكون المذهلة‏,‏ وإحكام صنعه‏,‏ وانضباط حركاته‏,‏ ودقة كل أمر من أموره‏,‏ وثبات سننه‏,‏ وتماسك أجزائه‏,‏ وحفظه من التصدع أو الانهيار‏,‏ فالسماء لغة هي كل ما علاك فأظلك‏,‏ ومضمونا هي كل ما حول الأرض من أجرام ومادة وطاقة السماء‏,‏ التي لايدرك العلم إلا جزءا يسيرا منها‏,‏ ويحصي العلماء أن بالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي بليون من المجرات‏,‏ بعضها أكبر كثيرا من مجرتنا‏‏ درب اللبانة أو سكة التبانة‏,‏ وبعضها أصغر قليلا منها‏,‏ وتتراوح أعداد النجوم في المجرات بين المليون والعشرة ملايين الملايين‏,‏ وتمر هذه النجوم في مراحل من النمو مختلفة‏‏ الميلاد‏,‏ الطفولة‏,‏ الشباب‏,‏ الكهولة‏,‏ الشيخوخة ثم الوفاة‏,‏ وكما أن لأقرب النجوم إلينا‏‏ وهي شمسنا‏‏ توابع من الكواكب 
والكويكبات‏,‏ والأقمار‏,‏ وغيرها فإن القياس يقتضي أن للنجوم الأخري توابع قد اكتشف عدد منها بالفعل‏,‏ ويبقي الكثير 

مما لم يتم اكتشافه بعد‏.‏

ثالثا‏:‏ تشير هذه الآية الكريمة إلى أن الكون الشاسع الاتساع‏,‏ الدقيق البناء‏,‏ المحكم الحركة‏,‏والمنضبط في كل أمر من أموره‏,‏ والثابت في سننه وقوانينه‏,‏ قد خلقه الله‏‏ تعالى‏‏ بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ وهو‏‏ سبحانه‏‏ الذي يحفظه من الزوال والانهيار‏,‏ وهو القادر على كل شيء‏.‏ والجزء المدرك لنا من هذا الكون شاسع الاتساع بصورة لايكاد عقل الإنسان إدراكها‏‏ إذ المسافات فيه تقدر ببلايين السنين الضوئية‏,‏ وهو مستمر في الاتساع اليوم وإلى ما شاء الله‏,‏ والتعبير القرآني وإنا لموسعون يشير إلى تلك السعة المذهلة‏,‏ كما يشير إلى حقيقة توسع هذا الكون باستمرار إلى ما شاء الله‏,‏ وهي حقيقة لم يدركها الإنسان إلا في العقود الثلاثة الأولي من القرن العشرين‏,‏ حين ثبت لعلماء كل من الفيزياء النظرية والفلك أن المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تتزايد بتزايد بعدها عن 

مجرتنا‏,‏ وتقترب أحيانا من سرعة الضوء‏‏ المقدرة بحوالي ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية‏.

والمجرات من حولنا تتراجع متباعدة عنا‏,‏ وقد أدرك العلماء تلك الحقيقة من ظاهرة انزياح الموجات الطيفية للضوء الصادر عن نجوم المجرات الخارجة عنا في اتجاه الطيف الأحمر‏‏ الزحزحة إلى الطيف الأحمر‏,‏ أو حتي دون الطيف الأحمر احيانا‏,‏ وقد أمكن قياس سرعة تحرك تلك المجرات في تراجعها عنا من خلال قياس خطوط الطيف لعدد من النجوم في تلك المجرات‏,‏ وثبت أنها تتراوح بين‏60,000‏ كيلومتر في الثانية‏,‏ و‏272,000‏ كيلومتر في الثانية‏.‏

وقد وجد العلماء أن مقدار الحيود في أطياف النجوم إلى الطيف الأحمر‏‏ أو حتي دون الأحمر في بعض الأحيان‏,‏ يعبر عن 

سرعة ابتعاد تلك النجوم عنا‏,‏ وأن هذه السرعة ذاتها يمكن استخدامها مقياسا لأبعاد تلك النجوم عنا‏.‏

رابعا‏:‏ تشير ظاهرة توسع الكون إلى تخلق كل من المادة والطاقة‏,‏ لتملآ المساحات الناتجة عن 

هذا التوسع‏,‏ وذلك لأن كوننا تنتشر المادة فيه بكثافات متفاوتة‏,‏ ولكنها متصلة بغير انقطاع‏,‏ فلايوجد فيه مكان بلا 

زمان‏,‏ كما لايوجد فيه مكان وزمان بغير مادة وطاقة‏,‏ ولا يستطيع العلم حتي يومنا هذا‏,‏ أن يحدد مصدر كل من المادة 

والطاقة اللتين تملآن المساحات الناتجة عن تمدد الكون‏,‏ بتلك السرعات المذهلة‏,‏ ولا تأويل لها إلا الخلق من العدم‏.

خامسا‏:‏ أدي إثبات توسع الكون إلى التصور الصحيح بأننا اذا عدنا بهذا التوسع إلى الوراء مع 

الزمن‏,‏ فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة كما يلتقي كل من المكان والزمان في نقطة واحدة‏,‏ وأدي ذلك إلى الاستنتاج الصحيح بأن الكون قد بدأ من نقطة واحدة بعملية انفجار عظيم‏,‏ وهو مما يؤكد أن الكون مخلوق له بداية‏,‏ وكل ما له بداية فلابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏,‏ كما يؤكد حقيقة الخلق من العدم‏,‏ لأن عملية تمدد الكون تقتضي خلق كل من المادة والطاقة بطريقة مستمرة ـ من حيث لايدرك العلماء ـ وذلك ليملآ‏‏ في التو والحال‏‏ المسافات الناشئة عن عملية تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهلة‏,‏ وذلك لكي يحتفظ الكون بمستوي متوسط لكثافته التي نراه بها اليوم‏,‏ وقد أجبرت هذه الملاحظات علماء الغرب على هجر معتقداتهم الخاطئة عن ثبات الكون‏,‏ والتي دافعوا طويلا عنها‏,‏ انطلاقا من ظنهم الباطل بأزلية الكون وأبديته‏,‏ لكي يبالغوا في كفرهم بالخلق وجحودهم للخالق‏‏ سبحانه وتعالى‏.‏


هذه الاستنتاجات الكلية المهمة عن أصل الكون‏,‏ وكيفية خلقه‏,‏ وإبداع صنعه‏,‏ وحتمية نهايته‏,‏ أمكن الوصول اليها من ملاحظة توسع الكون‏,‏ وهي حقيقة لم يتمكن الإنسان من إدراكها إلا في الثلث الأول من القرن العشرين‏,‏ ودار حولها الجدل حتي سلم بها أهل العلم أخيرا‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بإقرارها قبل أربعة عشر قرنا أو يزيد‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لتلك الإشارة القرآنية الباهرة غير الله الخالق‏‏ تبارك وتعالى‏,‏ فسبحان خالق الكون الذي أبدعه بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ والذي أنزل لنا في خاتم كتبه‏,‏ وعلى خاتم أنبيائه ورسله‏‏ ‏ عددا من حقائق الكون الثابتة‏,‏ ومنها تمدد الكون وتوسعه فقال‏‏ عز من قائل‏: والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ‏‏ الذاريات‏:47‏ لتبقي هذه الومضة القرآنية الباهرة مع غيرها من الآيات القرآنية‏,‏ شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله‏,‏ وأن سيدنا ونبينا محمدا‏‏ ‏ كان موصولا بالوحي‏,‏ معلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وأن القرآن الكريم هو معجزته الخالدة إلى قيام الساعة‏.‏

الدكتور زغلول النجار

TvQuran